الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فغيرُ بعيدٍ عن المتصفِّح لتراثنا العربي ما ضم بين طياته من دُرَرٍ تفتقرُ إلى البحث والدرس؛ تطلعًا إلى فوائدَ قد تسهم في کشف حقائق، أو تضيف إلى المکتبة العربية الزاخرة ما يساعد في بناء العقول. ومناظرة الهمذاني والخوارزمي نتاج أدبي يفتقر - على حد علمي - إلى بحث ودرس، فهي، أي المناظرات، تمثل ظاهرة من ظواهر الثقافة العربية، وکان لها دور في إنشاء وحفظ وتداول المعارف في مختلف الحقول الفکرية على مرِّ العصور، کما لا يخفى أثرها الواضح في الجمهور من خلال التحفيز والإثارة، ومن هذا المنطلق ذاع صيت مناظرة البديع وأبي بکر حتى صارت حديث الرُّکبان، فحاولت سبر أغوارها لعلي أصيب مواطن القوة والجمال فيها.