الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمَّا بعد: فإنَّ الشِّعر في ظلال الإسلام قد أدَّى دوراً لا يُنکر في مسيرة الدَّعوة الإسلاميَّة حين واکب الغزوات والفتوحات، ونافح الشُّعراء عن حياض الدَّعوة بکلِّ ما أُوتوا من فصاحة وبيان، وبما استقرَّ في نفوسهم من أضواء اليقين، وإشراقات الإيمان. وکانت مواقف المصطفى r من شعراء الإسلام قد دفعت بهم إلى شحذ ملکاتهم وصقل مواهبهم، والوقوف في وجه أعداء الإسلام بالکلمة المؤمنة المشحونة بکل طاقات الانفعال الإيمانيَّة التي تزلزل الجبال وتهزُّ الرَّواسي. ولقد کانت غزوات النَّبيِّ r ميداناً خصباً سار في رکابه کثير من الشُّعراء، وأبانوا عن مناصرتهم لدين الله تعالى، والتَّصدِّي للمشرکين الذين ما فتئوا يتعرَّضون للمسلمين. حيث کان للشِّعر- آنذاک - دوره في مختلف المواقع والغزوات التي خاضها المسلمون من أجل الدِّفاع عن عقيدتهم، والحرص على نشر دعوتهم في شتَّى الأقطار، وهو ما أوجد شعراً وافراً يواکب تلک الغزوات، ويعبِّر عنها، ويستلهم المفهومات الدِّينيَّة في مضامينه التي يتناولها.