الصراع السياسي في عهد السلطان السلجوقي برکيارق وأهم مظاهر الحضارة فى عهده (485ـ 498هـ/1092ـ1104م)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسولهr  أما بعد.
فإذا کان لکل دولة أوان للبذور، وأوان للنماء، وأوان للحصاد، فالقرن الخامس الهجري(11م) يمثل أوان النماء للدولة السلجوقية([1])، حيث جاء بعيد التمهيد وقبيل النضج والذبول، ففيه نما وأزهر کل ما بذره السلاجقة الکبار طغرل بک(429ـ455هـ/1037ـ1063م)([2])، ألب أرسلان (455ـ465هـ/1063ـ1072م)([3])، ملکشاه (465ـ485هـ/ 1072ـ1092م)([4]) ، فى عصرهم الأول من بذور الخير والشر، ومن عناصر الصلاح والفساد، تميزت فيه الدولة بالقوة والمنعة، حيث کان السلطان يحکم



([1]) السلاجقة: مجموعة من القبائل الترکية التي عرفت باسم "الغز" والتى سکنت إقليم "ترکستان" في وسط آسيا، ونظراً لسوء الأحوال الاقتصادية في تلک المنطقة، اندفعت أو هاجرت إلى شرق العالم الإسلامي. وقد أطلق على هذه القبائل اسم السلاجقة نسبة إلى زعيمهم "سلجوق بن دقاق" الذي وحدهم تحت زعامته، فأصبحت تعرف باسمه. وکانت نقطة التحول في تاريخ هذه القبائل الترکية عندما اعتنقت الإسلام وفق مبادئ المذهب السني، فزال الحاجز الذي کان يقف بينهم وبين اندماجهم في العالم الإسلامي. وأخذوا يتسربون إلى ممالک المسلمين، ويعملون في خدمة ملوکها وأمرائها. حتى استطاعوا تکوين قوة عسکرية کبيرة سيطروا بفضلها على ما يعرف الآن إيران، والعراق، وهيمنوا على الخلافة العباسية، کما حاربوا الدولة البيزنطية وأوقعوا بها هزائم منکرة. وأخذ التاريخ يذکر اسم السلاجقة في النصف الأول من القرن الخامس الهجري (11م) إذ بدأت قوتهم تظهر على مسرح الأحداث السياسية، ولاسيما بعد أن جلس أول سلاطينهم "طغرل بک"على عرش السلطنة في مدينة نيسابور سنة(429هـ/1037م) لمزيد من التفاصيل حول أصل السلاجقة ونشأتهم وقيام دولتهم وتوسعهم. انظر الحسيني: زبدة التواريخ في أخبار الأمراء والملوک السلجوقية ص23 وما بعدها تحقيق د/ محمد نور الدين دار اقرأ بيروت 1982م. البنداري: تاريخ دولة آل سلجوق  ص11، دار الآفاق الجديدة ط 3 بيروت 1980م.


([2]) طُغرل بک: هو أبو طالب محمد بن ميکائيل  بن سلجوق بن دقاق، الملقب رکن الدين، أول ملوک السلاجقة . لمزيد من التفاصيل حول حياة طغرل بک انظر ابن خلکان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ح 5 ص63 -68 تحقيق د / إحسان عباس دار صادر بيروت 1968م.


([3]) ألب أرسلان: هو محمد بن جغري بک داود بن ميکائيل بن سلجوق بن دقاق، وکنيته " أبو شجاع " وهو اسم ترکي معناه " أسد شجاع " فألب "شجاع"، وأرسلان "أسد"، وقد استعملت تلک الکلمة عند الشعوب الترکية القديمة التي کانت دائما في قتال مستمر0ابن خلکان: وفيات الأعيان ج 5 ص69، 70.


([4]) کان السلطان "ملکشاه بن ألب أرسلان" ملکا مظفرا مهيبا، استولت جيوشه على کثير من البلاد، حتى قيل إنه ملک من الأقاليم ما لم يملکه أحد من السلاطين، فکانت مملکته تشتمل على جميع بلاد ما وراء النهر، وإيران، والعراق، وآسيا الصغرى، والجزيرة، والشام، وکانت جيوشه غادية رائحة بين أرجاء مملکته الواسعة. الرواندي، راحة الصدور وآية السرور في تاريخ الدولة السلجوقية ، ص201-202. الحسيني: زبدة التواريخ ، ص147- 151.