شرح حروف المعاني على حروف المعاجم تأليف العلامة "عبدالباقي محمد البغدادي" المتوفى سنة 390، أو 400 هجرية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

الحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَلْهَم ، وَعَلَّمَنَا مَا لَمْ نَکُنْ نَعْلَم ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا الأَکْرَم ، وَرَسُولِنَا الأَعْظَم، وَسَلَّم تَسْلِيمًا کَثِيرًا.
وَبَعْدُ :
فَقَدْ أَوْلَى العُلَمَاءُ حُرُوفَ المَعَانِي عِنَايةً فائقَةً ؛ لِأهميَّتِهَا فِي فَهْمِ المَعَانِي وَاستنبَاطِ الأَحْکَامِ، بِالإِضافَةِ إلى أنَّ تَرْکِيْبَ مُعْظَمِ الکَلامِ عليهَا ، وَرُجُوعَهُ فِي فَوَائِدِهِ إليهَا ، وَقَدْ ألمحَ إلى ذلکَ المُرَادِيُّ بقَولِهِ : « لَمَّا کانتْ مَقَاصِدُ کَلامِ العَرَبِ- على اختِلافِ صُنُوفِهِ- مَبْنِيًّا أَکْثَرها على معَانِي حُرُوفِهِ ، صَرَفتُ الهِمَمَ إلى تَحْصِيلِهَا، وَمَعْرِفَةَ جُمْلَتهَا وَتَفْصِيلهَا ، وَهِي مَعَ قِلَّتِهَا ، وَتَيَسُّر الوقُوفِ على جُمْلَتِها، قد کَثُرَ دَورُهَا، وَبَعُدَ غَورُهَا، فَعَزَّتْ عَلَى الأَذْهَانِ مَعَانِيهَا، وَأَبَتِ الإِذْعَانَ إِلَّا لِمَنْ يُعَانِيهَا».
ولمَّا کَانَتْ حُرُوفُ المَعَانِي أَکْثَرَ دَوْرًا ، وَتَسِيرُ عَلَى اللسَانِ سَيْرًا ، أُلِّفَتْ المُؤلفَاتُ فِيهَا ، واختَلَفَتْ مَنَاهِجُهَا فِي أَصْلِ مَبَانِيهَا ، وَتَعَدُّدِ مَعَانِيهَا ؛ فَمِنْهُم مَنْ أَغْفَلَ بَعْضَهَا وَأَهْمَل، وَمَنْ تَسَامَحَ فِي شَرْحِهِا وَتَسَهَّل ، وَمَنْ تَوَسَّعَ وَتَعَمَّقَ فِيهَا وَأَکْمَل ، وَمَنْ اختصَرَ فِيهَا وَأَجْمَل.